الثلاثاء، 7 مارس 2017

المنزل المتنقّل

تأليف : امل شانوحة


خدعة,منزل,متنقل,عجوز,قتل,ذكريات
بيتٌ متنقّل مخيف !

ركب في المنزل المتنقّل الذي اشتراه قبل قليل من حراج للسيارات المستعملة , ثم قادها باتجاه مجمّع المنازل المتنقّلة حيث كان يعيش هناك مع زوجته 

و في الطريق اتصل بها و هو يقول بسعادة :
(( حبيبتي .. لقد اشتريت منزلاً جديداً اكبر من منزلنا الحالي .. و الغريب ان سعره مقبولاً جداً رغم ضخامته !.. ربما لأنه موديل الثمانينات , لكني فحصته جيداً من الداخل و هو واسعٌ و مريح , و سيناسبنا اكثر بعد ولادتك للتوأمين .. انا الآن في الطريق اليك , و سأصل بعد ساعتين .. انتظريني .. سلام ))

و بينما هو يعدّل مرآته الكبيرة (فوق المقود) تفاجأ برجلٍ عجوز يخرج من الحمام الموجود بآخر السيارة , و كاد الخوف ان يجعله ينحرف عن مساره .. 
ثم صرخ في وجه العجوز بغضب بعد ان توقف على جانب الطريق :
- كنا سنعمل حادثاً الآن !! فمن انت , و من اين اتيت يا هذا ؟!
فردّ العجوز بعصبية و دهشة :
- بل من انت ؟! و ماذا تفعل في منزلي ؟
- ماذا ؟! هذه السيارة اصبحت منزلي انا , فقد اشتريتها من ساعة 

العجوز بصدمة : 
- كيف هذا ؟! هذه سيارتي و قد اشتريتها سنة 1982 , و كنت في الحمام .. و عندما خرجت , رأيتك تحتلّ مكاني !!
- هل انت مصاباً بإلزهايمر يا عمّ ؟! انا تفحّصتها بالكراج و لم يكن هناك احد بالحمام , فمن اين خرجت ؟! .. لكن يبدو انك دخلت سيارةٌ اخرى ..
العجوز مقاطعاً بعصبية : انا لست مجنوناً , و هذه سيارتي انا !! حتى افتح الدرج الموجود قرب المقود و ستجد ان السيارة مكتوبة بإسمي , و هذه هويتي ..امسك و تأكّد بنفسك !!

و بالفعل ! كانت الأوراق الرسمية تشير بأن هذا العجوز هو المالك الأصلي للمنزل المتنقّل , فعرف الرجل ان صاحب الكراج خدعه .. فأسرع ناحية المقود و هو يتمّتم :
- الآن عرفت لما كان سعر السيارة رخيصاً !

لكن قبل ان يغير مسار السيارة , سأله العجوز بقلق :
- و ماذا تفعل الآن ؟!
الرجل بغضب : ماذا برأيك سأفعل !! سأعود الى ذلك المحتال و استردّ مالي 
العجوز بإصرار : عدّ اليه بعد ان توصلني الى منزلي اولاً , فزوجتي تلد ابنتنا البكر .. لقد اتصلت بي قبل قليل , و عليّ اللحاق بها بأسرع وقت  

بسخرية : زوجتك تلد ؟! ماهذه المزحة السخيفة يا عجوز ؟! فأنت في السبعينات كما اظن
العجوز بغضب : لا تكثر الكلام و انطلق حالاً !! 
و اخرج مسدسه من جيب معطفه مهدّداً الرجل الذي ارتعب و اسرع في قيادة السيارة نحو منزل العجوز 

و قد وصل اليه بعد ساعة ..
الرجل : هاى يا عجوز !! لقد وصلنا الى منزلك .. هيا انزل !!
لكنه رآى العجوز (من خلال المرآة التي فوق المقود) نائماً على الكنبة بآخر السيارة .. فذهب اليه , ليتفاجىء بأنه غارقاً في النوم
- استيقظ يا عجوز !! ...(بصوتٍ منخفض) .. ماهذه المصيبة ؟!..
ثم ترجّل الرجل و توجّه الى المنزل , عسى ان يستطيع اهله ايقاظه  و اخراجه من السيارة

و قد فتحت له امرأة شابة , و بعد ان اخبرها عن العجوز .. قالت السيدة بدهشة و هي تنظر نحو السيارة الكبيرة :
- ماذا ؟! لكن والدي توفيّ مقتولاً داخل هذه السيارة بالذات , و ذلك في نفس اليوم الذي ولدتني فيه امي !
الرجل بغضب : ماهذه اللعبة السخيفة التي تلعبونها معي ؟
- انا اخبرك بالحقيقة , ولوّ لم تمت امي منذ شهرين لأخبرتك بالقصة ذاتها .. لكن اين وجدت سيارة ابي , فإمي باعتها بالحراج منذ وقتٍ طويل ؟!
- اسمعي يا آنسة , انا ليس لديّ وقتٌ اضيعه هنا .. فتعالي معي  و اخرجي والدك او زوجك , ايّاً يكن من سيارتي .. فأنا اشتريتها  بموجب عقدٍ مسجّل , و انتم تفاهموا فيما بعد مع صاحب الحراج المحتال

فصعدت معه الى السيارة ليتفاجىء الرجل بإختفاء العجوز , و وجود رشٌ ابيض على شكل جسمٍ مستلقي فوق ارضية السيارة (و الذي يوضع عادةً حول الجثة) كما لاحظ الدماء التي تحوّلت للون الأصفر متناثرة على نفس الكنبة التي كان ينام عليها قبل قليل

فقالت السيدة بعيونٍ مغروّرقة بالدموع :
- لقد قالت الشرطة لأمي حينها , بأن لصّاً اقتحم المنزل و قتل والدي برصاصة في قلبه بينما كان يرتاح قليلاً قبل ان يُكمل سفريته الطويلة نحو المنزل , و ذلك بعد ان اخبرته امي بقرب موعد ولادتي ..و قد سقطت جثته هنا تماماً .. (واشارت نحو الأرضية المرشوشة بالصباغ الأبيض و هي تبكي)

الرجل بغضب ممزوجة بدهشة و رعب : لا !! انا لا اصدّق هذه المسرحية السخيفة
فقالت له : طيب تعال معي و سأريك صورة والدي 

و نزل معها باتجاه المنزل .. فدخلت هي لدقيقة , ثم خرجت حاملة صورة والدها و هو شاب .. فقال الرجل :
- هذه صورة لشاب , و انا رأيت عجوزاً في الداخل ؟!
- لكن ابي مات قبل ان يبلغ الأربعين .. انظر جيداً للصورة , هل كان العجوز يشبه هذا الشاب ؟!
فتمعّن الرجل اكثر بالصورة :
- نعم .. اظنه هو !
- غريب ! لم اعتقد ان الموتى يكبرون في العمر 

و هنا ظهر رأس العجوز من نافذة السيارة , فأمسك الرجل بذراع السيدة الثلاثينية بذعر , و هو يشير الى نافذة المنزل المتنقّل :
- انظري هناك !! انه والدك العجوز
- اين ؟! انا لا ارى شيئاً
بعصبية : هل انت عمياء ! انه يلوّح لك من النافذة.. لحظة ! اين ذهب ؟! 

فقد اختفى العجوز مرة ثانية ! ليظهر بعد دقيقة لكن بمنظرٍ جديد , ابيض العينان و قميصه الأبيض قد تلوّث بالكامل بالدماء .. ثم ابتسم ابتسامةٍ مخيفة للرجل الذي صرخ برعب :
- شبح !!!

و ترك السيدة راكضاً في الشارع كالمجنون , و غير آبهٍ بسيارته الجديدة  و لا بنداءات المرأة له بالعودة

و بعد ان اختفى عن انظارها , قالت بصوتٍ مسموع :
- هيا اخرج يا ابي , لقد رحل الغبي !!
فخرج العجوز و هو يضحك من السيارة :
ابنته معاتبة : الن تكفّ عن هذاالعمل يا ابي , فهذه خامس مرة تبيع سيارتك بهذه الطريقة ؟

العجوز بسعادة : وهي تنفع في كل مرة .. 
- المسكين , كان سيموت من الرعب 
- لا تقلقي عليه .. المهم عليّ ان استحمّ الآن و اغير ملابسي , قبل ان اعيد السيارة الى صديقي صاحب الكراج ليقاسمني ثمنها 
ابنته ممازحة : لقد ضمنت انت وصاحبك مكاناً مميزاً في جهنم 
العجوز : لكن الخطة لا تكتمل بدونك يا عزيزتي
فتبتسم ابنته قائلة : اذاً سنحترق جميعنا هناك

و يضحكان بدهاء 

النهاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...