تأليف : امل شانوحة
خطّة العقوبة
كتب لها على الفيسبوك ، وهو مزّهواً بنفسه :
- يكفي هذا القدر من التواصل ، فغيرك ينتظر دوره
الصبيّة بقلق : ماذا يعني كلامك ؟!
- لقد تحدّثنا ثلاثة اشهر .. وطالما أخبرتني الآن بحبك لي ، فقد حقّقت مرادي .. وعليّ البحث عن حبيبةٍ اخرى تكون صعبة المنال ، فأنا احب المغامرات الشيّقة
- هل تتلاعب بمشاعر البنات ؟!
- هي إحدى هواياتي .. فأنا ثريٌّ ووسيم .. وأتعمّد البحث عن اليائسات امثالك ، لكيّ أُسعد ايامهن البائسة بعبارت الغزل التي لن يسمعوها من غيري .. وطالما نجحت بجعلك تتعلّقين بي ، فقد حقّقت هدفي. .سأمسح هذا الحساب بعد قليل ، فلا تبحثي عني .. فكل المعلومات التي اخبرتك بها ، مُزيّفة .. سلام يا حبيبتي السابعة
وحذف حسابه بالفعل ، تاركاً الصبيّة في صدمةٍ عاطفيّة ! دون علمه بأنها خبيرة كمبيوتر ، او بالأصح هاكر محترفة..
وبسبب غيظها منه ، سهرت ليلتها وهي تبحث في ملفات حاسوبه (الذي نجحت في اختراقه) لتجد نسخاً عن محادثاته مع حبيباته السابقات ، التي تضمّنت مزيداً من المعلومات عنه .. او ربما اكاذيب مختلفة ، أخبرها للفتيات البالغ عددهن ستة .. وهو شيء الوحيد الذي صدق فيه !
وبعد بحثٍ مطوّل ، تمكّنت العثور على صفحاتهن بالفيسبوك .. وقامت بالتواصل معهنّ ، ببثٍ مباشر .. حيث تشاركن معاً لحظات القهر التي شعرن بها ، بعد إنفصال الشاب النرجسي المغرور عنهن!
فاقترحت الصبيّة (الهاكر) التالي :
- ما رأيكن لوّ نعاقبه ؟ كيّ لا تقع ضحيّةٌ ثامنة في مصيّدته القذرة
إحداهن باهتمام : وكيف نفعل ذلك ؟!
- بما انني خبيرة كمبيوتر ، أستطيع مسح ملفات عمله القديمة والحديثة .. فهو كما اخبرتني احداكن : يعمل بشركةٍ هندسيّة تابعة لوالده .. وحسب الملفات التي قرأتها ، فهو مشغول حالياً بمشروع بناء مولٍ ضخم ! والذي يمكنني مسح رسومات هندسته من حاسوبه تماماً
سلمى (وهي الأطيب قلباً بينهن) : لكن هذا سيصيبه بالجنون !
فردّت إحداهن بعصبية : برأيّ هذا العقاب ليس كافياً !! علينا إذلاله ومسح كرامته بالأرض ، كما فعل معنا
الهاكر : كنت قبل تواصلي معكن ، لاحظت ان لديه فتاةً مميزة يحدّثها منذ سنوات.. وحسب قراءتي لمحادثاتهما ، فهو حريص جداً على مشاعرها .. بعكس طريقته الفظّة معنا !
- طالما اللعين لديه حبيبه ، فلما يخونها معنا ؟!
سلمى بقلق : يخون ! هل كان على علاقةٍ جسديّة مع احداكن ؟
فردّت صبيّة بقهر : بغبائي عزمته على شقتي ، بالوقت الذي عملت فيه بشركة والده.. وأظنني اول من تلاعب بمشاعرها بينكن
سلمى بقلق : وهل حصل شيءٌ بينكما ؟!
فأجابتها : لما تبدين خائفة من إنحرافه ، هل تظنيه مُتديّناً مثلك ؟! على كلٍ ، لم يحصل شيء .. شرب العصير ، ورحل .. قال أنه لا يريد التورّط مع احد !
فتنهّدت سلمى بارتياح ، دون إظهار ذلك للفتيات الغاضبات..
لتتفاجأ بالموظفة السابقة تُكمل كلامها :
- لهذا تعمّدت في المرة الثانية التي زارني بها ، على وضع الكحول في عصيره
سلمى بقلق : وهل نجحتي بإيقاعه..
فقاطعتها قائلة : لا !! لكني صوّرته يرقص بغباء ، وهو سكران .. قبل إغمائه في الصالة .. وفي الصباح خرج من بيتي ، اثناء نومي بغرفتي .. لأعرف في اليوم التالي بقرار طردي من الشركة ، مع رسالة إنفصاله عني!
الهاكر : إرسلي لي الفيديو الذي صوّرته وهو مخمور
سلمى بقلق : وماذا ستفعلين به ؟!
الهاكر : بعد ايام ، سيعرض مشروعه على عميلٍ مهم لشركته.. سأجعله يذلّ نفسه بذلك الفيديو امام موظفيه ، بدل رسوماته الهندسيّة
سلمى : هذا سيفضحه امام الجميع !
فاعترضت اخرى : برأيّ علينا معاقبته اكثر من ذلك .. فخالتي يمكنها سحره ، فهي خبيرة بالعالم السفليّ .. لكني للأسف ، لا املك شيئاً من أثره
فردّت الموظفة القديمة :
- مازلت املك شاله الذي نسيّه اثناء نومه عندي ، سأرسله لك .. وانت تسحرينه بالعقم .. لكيّ تطلّقه حبيبته ، في حال تزوّجها لاحقاً
فاعترضت الثالثة بغيظ : لا !! لن ننتظر كل هذه المدة .. عليك سحره بشيءٍ يُشفي غليلنا منه
- اذاً سأصيبه بالصدفيّة .. فمرضه الجلدي سيُنهي وسامته ، ويجعل الفتيات تشمئزنّ الإقتراب منه
الهاكر بسعادة : فكرةٌ رائعة !! إفعلي ذلك.. والآن من لديها افكار اخرى للإنتقام من اللعين المغرور ؟!!
سلمى : حرامٌ عليكن ! ستمرضونه وتحرمونه من حبيبته ، وتفشلون مشروعه ..ماذا تريدون اكثر ؟!
- يبدو مازلتي تحبينه ؟!
سلمى : على الأقل لا اكرهه لهذه الدرجة ، فانا اؤمن بالنصيب..
الهاكر مقاطعة بعصبية : يكفي غباءً !! هو تلاعب بمشاعرنا ، وعلينا إيقافه عند حدّه ، كيّ لا يؤذي غيرنا
فسألتها إحداهن : تبدو لديك افكار اخرى ؟
الهاكر : أخبرتكن انه يمكنني إختراق حاسوبه ، وحذف جميع المعلومات التي فيه .. فأنا لا يمكنني ايذائه الا الكترونيّاً
سلمى بحزم : هذا يكفي !! هو لم يغتصبنا او يشوّه سمعتنا .. هو فقط أضاع وقته بالحديث معنا .. وليس اول او آخر شاب يتكلّم مع الفتيات ، فالإنترنت مليء بأمثاله .. ثم هذا ذنبنا !! فلا يوجد رجل يخطب فتاة ، تحدّث معها دون إذن اهلها .. للأسف تعلّمت ذلك متأخراً.. لكن الله وحده يعلم بحسن نوايايّ
الهاكر : يبدو أن النقاش معك عقيماً ، لهذا سأقطع إتصالنا بك .. إبقي بغبائك وطيبة قلبك ، الى ان يحطّمه شخصاً آخر
وقطعت الإتصال بها ، بينما أكملت خططّ تدميره مع بقيّة الفتيات !
***
بعد ايام ، في الشركة .. تفاجأ الشاب بزيارة سلمى له :
- ماذا تفعلين هنا ؟! وكيف عرفتي عنوان شركتي ؟!
- من موظقتك السابقة (وأخبرته بإسمها)
بدهشة : كيف تواصلت معها ؟! فأنا لم أحدّثها منذ سنتيّن !
سلمى : وماذا عن فلانة ؟
باستغراب : وهذه ايضاً قطعت علاقتي معها قبل ايام ! كيف اجتمعتي بهما؟!
- بل اجتمعت بكل حبيباتك الستة (وأخبرته اسمائهن) .. وقبل ان تسألني .. حبيبتك الأخيرة خبيرة كمبيوتر ، وهي من جمعتهنّ لوضع خطّة لتدميرك
فسألها بقلق : كيف يعني تدميري ؟!
سلمى : هي تريد فضحك امام العميل الذي ستعرض مشروعك عليه بعد قليل
في البداية لم يصدّقها ، لكنه شعر بالخوف بعد استعانته بخبير الكمبيوتر (موظف في شركته) الذي أكّد إختراق حاسوبه ، وحذف الهاكر لبعض ملفاته العمليّة المهمّة !
الشاب بقهر : ومالعمل الآن ؟! اريد استرداد ملفي بالحال ، فالعميل على وشك الوصول للشركة !
الموظف : إن وعدتني بمكافأةِ مالية ، سأعمل جاهداً على استعادة مشروعك
الشاب : لك ما تريد ، بشرط ان تضع حماية لحاسوبي من الهاكر اللعينة
الموظف : بل سأفعل اكثر من ذلك ، مُرسلاً فيروساً يدمّر حاسوبها
الشاب : والله ان فعلت ذلك ، سأرقّيك بالحال !!
ثم اخذ سلمى جانباً ، وهو يشكرها :
- طيبة قلبك جعلتك تأتين الى شركة والدي ، لتنبيهي على مُخطّطهن اللعين .. رغم انني كسرت قلبك ! رجاءً سامحيني ، فأنت افضل واحدة بينهن
سلمى : قلت لك سابقاً ، انني اؤمن بالقدر .. المهم ان تُحصّن نفسك بالأدعية ، قبل تمكّنهن من سحرك
- هذا خطأي .. وكأني فتحت على نفسي ابواب جهنم ، بتلاعبي بمشاعرهن
سلمى : ليكن درساً لك .. فمعظم النساء لديهن افكار شيطانيّة : وأكثريتهنّ غيّورات وحقودات ، او ناقمات على الرجال بشكلٍ عام .. وبتعرّفك على المزيد منهن ، تصبح عرضة لإنتقامهن المدمّر .. المهم الآن ، سأتركك تعمل قبل وصول العميل
فشكرها مجدداً على حسن اخلاقها .. وعاد لعمله من جديد
***
بعد اسبوعين ، تفاجأت سلمى برسالةٍ منه (بعد فكّه الحظر عنها) !
((اردّت إخباركِ بنجاح مشروعي .. وتمكّني من حماية حاسوبي من الهاكر اللعينة .. كما ذهبت للشيخ لتحصين نفسي مع بداية شعوري بأعراض السحر ، عقب رؤيتي للكوابيس المرعبة .. وقد نصحني الشيخ بالحرص على ديني ، حتى لا اصبح فريسةً سهلة للجن .. خصوصاً بعد ظهور بثورٍ تشبه الصدفيّة بجلدي ، والتي سارعت بعلاجها قبل انتشارها بجسمي .. فمن بين كل البنات اللآتي تلاعبت بمشاعرهن ، لست نادماً إلاّ عليك.. رجاءً سامحيني))
فأرسلت سلمى جوابها : كنت درساً قاسياً بحياتي .. لكني أؤمن بأن الزواج قسمة ونصيب .. وأتمنى لك حياةً سعيدة مع حبيبتك
وماهي الا دقائق ، حتى جاءها الردّ :
- يبدو ان سحرهنّ نجح بشيءٍ واحد ، وهو تفريقي عنها ! فحبيبتي فاجأتني بخبر خطوبتها من ثريٍّ عجوز
سلمى : لا تحزن ، لربما اراد الله لك الخير مع غيرها
- وهذا ما اشعر به فعلاً
بارتباك : ماذا تقصد ؟!
- اريد رقم والدك ، لتحديد موعد الخطوبة
سلمى باستغراب : ولما اخترتني من بين كل البنات اللآتي تعرفهنّ؟!
- لأنك الوحيدة التي أثبّتي حسن نواياك .. فقد ساعدتني قبل ان يدمّرونني مهنيّاً وصحيّاً ونفسيّاً ، رغم أذيّتني لك ! وهذا يدل هلى حنانك وطيبة قلبك ، وحسن تربيّتك .. فماذا اريد اكثر من ذلك ؟
سلمى : موافقة ، بشرط !! ان تعدني بعدم التلاعب بمشاعر البنات ثانيةً ، فهو ذنبٌ كبير يُغضب ربك
- التوبة !! تعلّمت درسي جيداً
***
وبالوقت الذي كانت فيه ضحاياه السابقات تبحثن عن بديلاً له ، كانت سلمى تنعم معه بأجمل شهر عسلٍ بأوروبا .. فهي استحقّت تعويض ربها ، بسبب صبرها ورضائها بالقضاء والقدر .. وهو شيءٌ نادر بحياتنا التنافسيّة الصعبة !